إن التعرض لمستويات ضوضائية عالية الشدة تؤدى إلى الإثارة و التوتر . و نحن نتوقع إذن أن الإصابة بالأمراض ذات الصلة بالتوتر ( كالضغط العالي / و القرحة و ما إليها ) قد تزيد بالتعرض للضوضاء المزعجة . غير أن نتائج البحوث في هذا المجال ليست قاطعة . فقد أثبت العلماء كوهين, جلاس , فيلبس ( 1977) " من خلال الدراسات التي  تمت في هذا المجال أن الضوضاء عامل من العوامل المرضية هو برهان ضعيف , و هو أمر يمكن توضيحه  ذلك أن التعرض للضوضاء ذات الشدة العالية يؤدى إلى تحفيز خلايا الجلد و إلى تضييق في الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد , و إلى ارتفاع الضغط في الدم  و إلى الزيادة في بعض الإفرازات الجلدية Catecholamine Secretions.

و هذه التغيرات الفسيولوجية يصاحبها توتر و اضطرابات في الأوعية الدموية , غير أن ليست هناك دراسات معملية مضبوطة أجريت لتؤكد العلاقة ما بين الضوضاء و مرض القلب،أما الدراسات التي اقتصرت على إيجاد معاملات  الارتباط فقد بينت أن الضوضاء يصحبها تقارير عن حالات مرضية حادة و مزمنة, و عن زيادة في استهلاك الأقراص المنومة , و عن الحاجة لزيارة أو استشارة الطبيب. وهذه الدراسات مع ذلك , ليست قاطعة في نتائجها حيث أنها لم تثبت العوامل التجريبية المختلفة مثل ظروف الإيواء , تربية الفرد , تعليمه , و مستوى الدخل .

 و هناك دراسة قام بها ( أندرو , هاتورى – 1963 ) أسفرت عن وجود ارتباط بين تعرض الأمهات للضوضاء التي تحدثها الطائرات , و موت الجنين . كما أن هناك دراسات أخرى عديدة عنيت ببحث المشكلات الصحية للعاملين في الصناعة فيما  يختص بالتعرض للضوضاء . و منها دراسة كلاً من ( كوهين 1973 ) و يانسن 1973) و انتهت إلى نتيجة مضمونها أن التعرض للضوضاء العالية الشدة يصحبها اضطرابات الأوعية القلبية , الحساسية , التهاب الحلق  ( الزور ) ، اضطرابات في الهضم . وقد أسفرت البحوث أيضاً عن أن شباب العمال ذوى الخبرة المحدودة بالعمل يعانون أكثر من غيرهم عند التعرض للضوضاء , وهم بذلك يبرهنون على أن العمال ذوى الخبرات الفينة قد كيفوا حاسة السمع مع الضوضاء . و لسوء الحظ فإن مثل هذه الدراسات نادراً ما تعمل على ضبط العوامل الأخرى مثل ظروف المصانع, التعرض للملوثات ، أنشطة العمل المثيرة للتوتر – و بذلك فإن النتائج الخاصة بآثار الضوضاء على الصحة .

لذلك فمن الصعب أن نجزم أن للضوضاء آثاراً مباشرة ضارة بالصحة البدنية . بل أن آثارها ترتبط أساساً بالمثيرات الأخرى ( مثل الملوثات الصناعية – التوتر في العمل – و الضغوط الاقتصادية و هكذا ) – أو تكون قاصرة على أولئك الذين لديهم استعداداً خاص للتأثر باضطرابات فسيولوجية معينة .